تصاعد التوترات في يافا بين السكان العرب والمستوطنين الإسرائيليين
شهدت مدينة يافا التاريخية تصاعداً خطيراً في التوترات بين السكان العرب الفلسطينيين وما يُطلق عليه "النواة التوراتية"، وهي مجموعات من المستوطنين الإسرائيليين المتشددين، بعد حادثة اعتداء على امرأة حامل في شهرها الثامن.
الحادثة المحورية
في السبت الماضي، تعرضت حنان خيمل، وهي امرأة حامل في الثلاثينات من عمرها، لاعتداء بالغاز المسيل للدموع من قبل ثلاثة أفراد من "النواة التوراتية" أثناء قيادتها لسيارتها برفقة أطفالها وحماتها. وقد تم نقلها إلى المستشفى، حيث أكد الأطباء أن حالتها وحالة الجنين مستقرتان.
تصف خيمل الحادثة قائلة: "شاهدنا ثلاثة مستوطنين، أحدهم ضرب السيارة وقال عبارات عنصرية قاسية أمام الأطفال". وتضيف أن الوضع تدهور بسرعة عندما استخدم المعتدون أسطوانة غاز كبيرة ضد العائلة.
ردود الفعل المجتمعية
أثارت الحادثة موجة غضب واسعة في المجتمع العربي الفلسطيني في يافا. نظمت الناشطة الاجتماعية إيناس أبو سيف تجمعاً ضم 200 امرأة عربية ويهودية تحت شعار "تجمع طارئ، نساء يافا يطالبن بالأمان".
وقالت أبو سيف: "نحن نعرف ما الذي يصيبنا كل يوم من النواة التوراتية. لا تقولوا لنا إن هذا نزاع على موقف سيارة". وأشارت إلى أن البلدية والحكومة المحلية اكتفتا بإصدار "بيان تهدئة فقط".
الإضراب الشامل
أعلن عبد أبو شحادة، رئيس المجلس الإسلامي في يافا وعضو مجلس بلدية تل أبيب السابق، عن إضراب شامل شمل المحلات التجارية والمدارس، داعياً السكان اليهود للانضمام إليه.
وقال أبو شحادة: "قد لا نتفق على أمور كثيرة سياسية وفكرية، ولكننا نتفق على رفض تعرض امرأة حامل للهجوم في الشارع".
تحليل الوضع الديموغرافي
تشير التقديرات إلى أن "النواة التوراتية" تضم مئات اليهود في يافا، ولديهم كنس ومدارس دينية ومؤسسة تمهيدية عسكرية. تصف الناشطة يارا غرابلة وجودهم بأنه "ليس بالصدفة، ويتجولون بصورة استعراضية في مجموعات حاملين أسلحتهم".
وتؤكد غرابلة أن البلدية تمول هذه المجموعات "محاولة إظهار أن هناك عالمية وليبرالية"، لكنها تعتبر أن الهدف الحقيقي هو "التطهير العرقي والطبقي".
التداعيات الأمنية
اعتقلت الشرطة الإسرائيلية الشيخ عصام السطل، نائب رئيس المجلس الإسلامي، و13 متظاهراً آخر بتهمة "الإخلال بالنظام العام" و"إطلاق شعارات عنصرية".
وأثنى وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير على الشرطة "للقيام باعتقال سريع ومهني وحازم"، مما يعكس التوجه الحكومي في التعامل مع هذه التوترات.
المخاوف المستقبلية
تعبر ليزا قمع، إحدى سكان المدينة، عن مخاوفها قائلة: "لي ابنة عمرها 17 ومحجبة. اليوم أعطيتها تعليمات حول كيفية السير في الشارع للدفاع عن نفسها. هذه مدينتنا، ترعرعنا هنا، في حين أنهم جاءوا للتعلم لمدة سنة فأشعلوا المدينة".
تؤكد الناشطة خديجة سراري أن "السير في يافا والعيش هنا أصبح أمراً صعباً جداً"، مشيرة إلى "موجة جنون للنواة" في الأشهر الثلاثة الأخيرة.
تكشف هذه الأحداث عن تعقيدات الوضع الديموغرافي والسياسي في يافا، حيث تتداخل قضايا الهوية والأمن والحقوق المدنية في سياق أوسع من التوترات الإقليمية.