لقاء فلوريدا المرتقب: نحو مواجهة إسرائيلية إيرانية حاسمة
تشهد المنطقة لحظة مفصلية مع ترقب لقاء دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو في فلوريدا، لقاء يتجاوز البروتوكول الدبلوماسي ليرسم معالم الجولة العسكرية المقبلة في الشرق الأوسط. التصعيد الراهن لا يدور حول إمكانية المواجهة، بل حول شكلها وتوقيتها ومن سيتحكم بقرار إشعالها.
استراتيجية اللقاء خارج الأطر الرسمية
يعكس اختيار فلوريدا رغبة ترامب في إدارة النقاش خارج القيود الرسمية للبيت الأبيض، مما يتيح مرونة أكبر في اتخاذ القرارات. هذا الإطار يسمح لنتنياهو بعرض الملف الأمني الإسرائيلي بعيداً عن ضغط المؤسسات الأميركية التقليدية، في لحظة إقليمية بالغة الحساسية.
تحول في الأولويات: من النووي إلى الصاروخي
لم تعد القضية النووية الإيرانية تحتل الصدارة في الحسابات الإسرائيلية. البرنامج الصاروخي الباليستي الإيراني بات التهديد الأكثر إلحاحاً، حيث تعتبر إسرائيل أن الصواريخ، لا القنبلة، قادرة على تعطيل العمق الإسرائيلي وكسر فكرة الحسم السريع.
الاستعداد الدفاعي الإسرائيلي
تواجه إسرائيل تحدياً في مخزون الصواريخ الاعتراضية، مما دفعها لتطوير استراتيجية دفاعية متعددة الطبقات:
- توسيع منظومة Arrow-3 لاعتراض الصواريخ بعيدة المدى
- تعزيز إنتاج اعتراضات Iron Dome بالتعاون مع الولايات المتحدة
- تطوير نظام Iron Beam الليزري لتقليل كلفة الاعتراض
الدفاع الجوي الإيراني: نقاط ضعف وقوة
أظهرت منظومات S-300 أداءً متبايناً خلال الجولة الماضية، حيث نجحت الضربات الإسرائيلية في اختراق المجال الجوي. الإشكالية لم تكن تقنية بحتة، بل في طريقة الدمج ضمن شبكة الإنذار المبكر والتعامل مع الهجمات المركبة.
أما منظومة S-400، فلم تُظهر مؤشرات مؤكدة على تشغيلها الفعلي، ربما لتجنب رفع سقف المواجهة أو تعريضها للاستهداف المباشر.
التطورات الصاروخية الإيرانية
ركزت إيران على تطوير صواريخ تعمل بالوقود الصلب لتقليص زمن الإطلاق وتحسين الدقة. هذه التطورات ترفع كلفة الاعتراض الإسرائيلي وتجعل أي تسرب، ولو محدود، ذا أثر نفسي وسياسي كبير.
السيناريوهات المحتملة
الاستهداف المباشر للقيادة
يُعتبر استهداف المرشد الأعلى كسراً للخطوط الحمراء القصوى، وقد يدفع إيران إلى رد شامل غير مضبوط السقف. لذلك يبقى هذا الخيار ورقة ضغط سياسية أكثر منه خياراً عملياً.
مدة الحرب المحتملة
إذا بقيت المواجهة في إطار تبادل ضربات صاروخية مركزة، فمن المرجح أن تمتد من أيام إلى أسابيع قليلة. أما إذا تحولت إلى حملة أوسع تستهدف البنية الإنتاجية، فقد تمتد لأسابيع عدة.
السيناريو الأسوأ
انفلات المواجهة إلى حرب إقليمية متعددة المسارات، تمتد إلى الممرات البحرية والقواعد الأميركية، وتضع مضيق هرمز في قلب العاصفة، مما يهدد الاستقرار العالمي.
دور الحلفاء والانخراط الإقليمي
تمتلك إيران شبكة علاقات إقليمية قادرة على التأثير في مسار الصراع، لكن الانخراط الشامل للحلفاء قد يحول المواجهة إلى حرب إقليمية مفتوحة، وهو سيناريو محفوف بالمخاطر حتى لطهران.
خلاصة: سباق الردع والانفجار
ما يجري لم يعد نقاشاً نظرياً حول احتمالات الحرب، بل سباقاً مفتوحاً بين الردع والانفجار. كل طرف يحاول إقناع الآخر بأن الضربة المقبلة ستكون الأخيرة أو أن كلفتها ستكون غير محتملة.
لقاء فلوريدا قد لا يعلن الحرب، لكنه قد يرفع الغموض الذي يمنعها. بعده، لن يكون السؤال إن كانت الصواريخ ستنطلق، بل متى وكم وإلى أي مدى ستتدحرج السلسلة.
هكذا تدخل المنطقة مرحلة الأيام الخطرة فعلاً. ما بعد لقاء فلوريدا ليس كما قبله، لأن ساعة الصواريخ لا تعمل بمنطق البيانات، بل بمنطق الثواني.