جورجيا تحرم مواطنيها بالخارج من التصويت وسط أزمة سياسية عميقة
أقر البرلمان الجورجي تعديلات مثيرة للجدل على قانون الانتخابات تمنع المواطنين المقيمين خارج البلاد من ممارسة حقهم الدستوري في التصويت، في خطوة تعكس تعميق الأزمة السياسية التي تعصف بهذا البلد القوقازي الاستراتيجي.
قرار مثير للجدل يثير انتقادات دولية
وفقاً للتعديلات الجديدة، لن تفتح مراكز الاقتراع في القنصليات والسفارات الجورجية، في إجراء تبرره السلطات بضرورة منع "التدخل الخارجي" في العملية الانتخابية. حزب "الحلم الجورجي" الحاكم يدعي أن المواطنين في الخارج يخضعون للولاية القضائية الأجنبية وتأثير البيئة السياسية الخارجية.
رئيس البرلمان شالفا بابواشفيلي أشار إلى أن المقيمين في الخارج يتلقون معلومات عن الوضع في جورجيا عبر وسائل الإعلام بدلاً من التجارب الشخصية، مما يجعلهم عرضة للتضليل حسب زعمه.
دوافع سياسية وراء القرار
تكشف الأرقام الحقيقة وراء هذا القرار المثير للجدل. في الانتخابات البرلمانية لعام 2024، حققت المعارضة فوزاً ساحقاً في مراكز الاقتراع بالخارج، بينما لم يحصد حزب "الحلم الجورجي" سوى 15% من الأصوات، مما يفسر الدوافع الحقيقية وراء هذا التعديل القانوني.
المحلل السياسي جيلا فاسادزه يعتبر أن السلطة الحاكمة تجري تعديلات استباقية لمنع المعارضين من استغلال الجالية الجورجية في الخارج. ويحذر من أن هذا القرار سيزيد من عزلة مئات الآلاف من المواطنين المقيمين في أوروبا والولايات المتحدة عن وطنهم.
أزمة سياسية بين الشرق والغرب
تعيش جورجيا أزمة سياسية عميقة، تتأرجح بين تطلعاتها التاريخية للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، وبين تقارب براغماتي مع روسيا بقيادة الحزب الحاكم. هذا التذبذب أدى إلى تعليق عملية انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي فعلياً.
فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على عدد من مسؤولي حزب "الحلم الجورجي"، ووصف البرلمان الأوروبي الانتخابات الأخيرة بأنها "مزورة" والبرلمان الجورجي بأنه غير شرعي. في المقابل، تؤكد الحكومة أن الغرب يحاول جر البلاد إلى صراع مع روسيا.
انتهاك للحقوق الدستورية
يعتبر الخبراء أن قرار حرمان المغتربين من حق التصويت يشكل انتهاكاً للحقوق الدستورية ويتعارض مع مبدأ الاقتراع العام. فاسادزه يصف القانون الجديد بأنه مستوحى من بيلاروسيا ويهدف إلى الحفاظ على السلطة من خلال استبعاد الناخبين الأكثر انتقاداً.
من جانب آخر، يبرر الباحث راميل أسادوف القرار بضرورة الحماية من التدخل الخارجي، مشيراً إلى أن دولاً أخرى مثل أرمينيا وإسرائيل وأيرلندا ومالطا تقيد التصويت في الخارج أو تمنعه تماماً.
هذا القرار يعكس التحديات المعقدة التي تواجهها الديمقراطيات الناشئة في منطقة القوقاز، حيث تتصارع التطلعات الأوروبية مع الضغوط الجيوسياسية الإقليمية، مما يضع مستقبل المسار الديمقراطي في جورجيا على المحك.