ترامب ونتنياهو: لقاء فلوريدا قد يحدد مصير الصراع الإسرائيلي-الإيراني
تشهد المنطقة لحظة سياسية وأمنية حاسمة مع ترقب لقاء مرتقب بين الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في فلوريدا. هذا اللقاء، الذي يُعقد خارج الإطار الرسمي للبيت الأبيض، قد يرسم حدود المواجهة العسكرية المقبلة في الشرق الأوسط.
اختيار فلوريدا: رسالة سياسية
يحمل اختيار فلوريدا مكاناً للقاء بُعداً استراتيجياً، إذ يتيح لترامب الاستماع للطرح الإسرائيلي دون الظهور وكأنه منح ضوءاً أخضر مسبقاً. كما يسمح لنتنياهو بعرض ملفه الأمني بعيداً عن ضغط المؤسسات الأميركية التقليدية، في لحظة إقليمية شديدة الحساسية.
تحول في الأولويات الأمنية
في الحسابات الإسرائيلية الحالية، لم يعد البرنامج النووي الإيراني هو الخطر الأكثر إلحاحاً، بل بات البرنامج الصاروخي الباليستي هو التهديد الفعلي والمباشر. هذا التحول يعكس قراءة أمنية ترى أن الصواريخ، لا القنبلة، هي السلاح القادر على تعطيل العمق الإسرائيلي وكسر فكرة الحسم السريع.
سباق التسلح الدفاعي
خلال عام 2025، تصاعدت التحذيرات الغربية من أن أي مواجهة طويلة ستضغط بقوة على مخزون الصواريخ الاعتراضية الإسرائيلية. لذلك تعمل إسرائيل على:
- توسيع منظومة Arrow-3 لاعتراض الصواريخ بعيدة المدى
- تعزيز إنتاج اعتراضات Iron Dome عبر خطوط تصنيع مرتبطة بالولايات المتحدة
- تطوير نظام الليزر الدفاعي Iron Beam لتقليل كلفة الاعتراض
التحدي الإيراني
في المقابل، يبرز ملف الدفاع الجوي الإيراني كأحد أكثر عناصر المواجهة غموضاً. خلال الجولة الماضية، أظهرت منظومات S-300 أداءً متبايناً، بينما لم تظهر منظومة S-400 أي مؤشرات على تشغيلها الفعلي.
ركزت إيران على تطوير صواريخ تعمل بالوقود الصلب لتقليص زمن الإطلاق وتحسين الدقة، ما يرفع كلفة كل اعتراض إسرائيلي ويجعل أي نسبة تسرب ذات أثر نفسي وسياسي كبير.
سيناريوهات المواجهة
تتراوح السيناريوهات المحتملة بين:
السيناريو المحدود
تبادل ضربات صاروخية وجوية مركزة قد يمتد من أيام إلى أسابيع قليلة، بسبب محدودية المخزون والضغط على الدفاعات.
السيناريو الموسع
حملة أوسع تستهدف البنية الإنتاجية للصواريخ ومراكز القيادة، قد تمتد لأسابيع عدة.
السيناريو الكارثي
انفلات المواجهة إلى حرب إقليمية متعددة المسارات تضع مضيق هرمز في قلب العاصفة، ما يهدد الاستقرار العالمي.
الخطوط الحمراء
يطفو سؤال بالغ الحساسية حول إمكانية استهداف إسرائيل للقيادة العليا في إيران. من الناحية الاستراتيجية، يُعد هذا السيناريو كسراً للخطوط الحمراء القصوى وإعلان حرب وجودية مفتوحة.
الدور الإقليمي والدولي
أي مواجهة لن تبقى ثنائية خالصة. إيران تمتلك شبكة علاقات إقليمية قادرة على التأثير في مسار الصراع، لكن الانخراط الشامل لحلفائها قد يحول المواجهة إلى حرب إقليمية مفتوحة تحمل مخاطر جسيمة حتى لطهران نفسها.
خلاصة: الأيام الخطرة
ما يجري لم يعد نقاشاً نظرياً حول احتمالات الحرب، بل سباقاً مفتوحاً بين الردع والانفجار. لقاء فلوريدا قد لا يعلن الحرب، لكنه قد يرفع الغموض الذي يمنعها.
هكذا تدخل المنطقة مرحلة الأيام الخطرة فعلاً. ما بعد لقاء فلوريدا ليس كما قبله، لأن ساعة الصواريخ لا تعمل بمنطق البيانات، بل بمنطق الثواني.