توترات خليجية متصاعدة: هل تشهد المنطقة مواجهة في 2026؟
تشهد المنطقة الخليجية تصاعداً في التوترات يثير قلق المراقبين الدوليين، حيث تتزايد التكهنات حول إمكانية وقوع مواجهة مباشرة بين السعودية وإيران خلال عام 2026. هذه التوقعات لم تعد مجرد تحليلات هامشية، بل أصبحت محور تقارير مراكز البحث الغربية والتقييمات الاستخباراتية الدولية.
مؤشرات التصعيد في المنطقة
تواجه المملكة العربية السعودية تحديات أمنية متعددة من حلفاء إيران الإقليميين، خاصة في اليمن والعراق. الهجمات الحوثية على الملاحة في البحر الأحمر أثرت بشكل كبير على التجارة العالمية، وفقاً لتقارير البحرية الأمريكية والبريطانية التي رصدت استخداماً متزايداً لصواريخ دقيقة وطائرات مسيّرة تستهدف السفن التجارية.
هذا التطور حوّل ممرات الملاحة الآمنة سابقاً إلى مناطق اختبار لقدرات إيران غير المباشرة، مما وضع اقتصادات دول تعتمد على قناة السويس مثل مصر تحت ضغط متزايد.
الاستراتيجية الإيرانية والردع المعقد
تتبع إيران استراتيجية توسيع النفوذ دون الانجرار إلى مواجهة مفتوحة، مستثمرة في أدوات تمكنها من الضغط دون تحمل كلفة الحرب المباشرة. هذا النهج منحها قدرة ردع معقدة ومتشعبة، وفقاً لتحليلات المجلس الأطلسي.
الموقف الأمريكي والحسابات الجديدة
تراقب الولايات المتحدة المشهد بحسابات مختلفة عن الماضي. واشنطن لا تسعى لحرب جديدة، لكنها أيضاً لا تريد أن تستبدل السعودية استقرارها بتطمينات وهمية. هذا الموقف الأمريكي الغامض يدفع الأطراف إلى حافة التوتر دون السماح بالسقوط في الهاوية.
تشير بعض التحليلات الغربية إلى أن واشنطن قد تترك مستوى محدد من الاشتباك ليأخذ مداه، قبل التدخل عند تهديد المصالح الكبرى. الصين دخلت أيضاً على خط الوساطة بين الرياض وطهران، لكن قدرة بكين على ضبط التوترات ما زالت محل اختبار.
التداعيات الاقتصادية المحتملة
أي صدام محتمل لن يبقى محصوراً بين دولتين، بل سيؤثر على المنطقة بأكملها. أسواق الطاقة ستتلقى الضربة الأولى، وسيتردد صدى ذلك في أوروبا وآسيا وأفريقيا. أي اضطراب في مضيق هرمز أو البحر الأحمر كفيل بإعادة تشكيل أسعار النفط والغاز، وفقاً لتقرير وكالة الطاقة الدولية.
مصر، التي تعتمد على مرور السفن عبر قناة السويس، ستكون من أوائل المتأثرين، لأن كل أزمة في البحر الأحمر تعني خسائر فورية في الإيرادات.
توازن هش وحسابات دقيقة
رغم التوترات المتصاعدة، يبقى الطريق نحو الحرب نتيجة وليس قدراً. السعوديون يدركون أن انخراطهم في مواجهة مباشرة قد يهدد مشروع التحول الاقتصادي الذي يبنونه. وإيران، رغم خطابها العالي، ليست في وضع يسمح لها بخوض حرب شاملة قد تضرب الداخل وتفتح الباب أمام ضغوط دولية ساحقة.
تبدو المنطقة اليوم وكأنها تمشي فوق طبقة زجاجية رقيقة، حيث كل خطوة محسوبة، وكل خطأ في الحساب قد يكون كافياً لكسر التوازن الهش. المشهد الحالي ليس مشهداً لحرب مؤكدة، ولا لمصالحة مستقرة، بل مشهد منطقة تقترب ببطء من لحظة اختبار حاسمة.