تصعيد سعودي إيراني محتمل في 2026: تحديات للاستقرار الإقليمي
تشير تقارير مراكز الأبحاث الغربية والتقييمات الاستخباراتية إلى احتمال تصاعد التوترات بين المملكة العربية السعودية وإيران خلال عام 2026، مما يثير قلقاً متزايداً حول استقرار منطقة الخليج والشرق الأوسط.
تحديات أمنية متصاعدة
تواجه السعودية شبكة معقدة من التحديات الأمنية المرتبطة بحلفاء إيران الإقليميين، خاصة في اليمن والعراق. الهجمات الحوثية على الملاحة في البحر الأحمر قد غيرت موازين التجارة العالمية، وفقاً لتقارير البحرية الأمريكية والبريطانية التي رصدت استخداماً متزايداً لصواريخ دقيقة وطائرات مسيرة تستهدف السفن التجارية.
هذا التطور حول الممرات البحرية الآمنة سابقاً إلى مسرح لاختبار القدرات الإيرانية غير المباشرة، مما يضع ضغطاً تصاعدياً على الاقتصادات المعتمدة على قناة السويس، بما في ذلك مصر.
الاستراتيجية الإيرانية والردع المعقد
تبني إيران استراتيجيتها على توسيع النفوذ دون الانجرار إلى مواجهة مفتوحة، مستثمرة في أدوات تمكنها من الضغط دون تحمل كلفة الحرب المباشرة. يشير المجلس الأطلسي إلى أن قدرة الردع الإيرانية أصبحت معقدة ومتشعبة.
الموقف الأمريكي والحسابات الجديدة
تراقب الولايات المتحدة، التي ظلت لعقود الحارس الأكبر للخليج، المشهد بحسابات مختلفة عن الماضي. واشنطن لا تريد حرباً جديدة، لكنها أيضاً لا تريد أن تستبدل السعودية استقرارها بوهم التطمينات، مما يجعل الموقف الأمريكي أكثر غموضاً.
تتردد في بعض التحليلات الغربية فكرة أن واشنطن قد تترك مستوى محدداً من الاشتباك ليأخذ مداه، قبل أن تتدخل عند لحظة تهديد المصالح الكبرى.
الوساطة الصينية والتسويات الهشة
دخلت الصين على خط الوساطة بين الرياض وطهران، لكن قدرة بكين على ضبط التوترات ما زالت محل اختبار. ما حدث بعد اتفاق مارس 2023 بين السعودية وإيران يؤكد أن تسوية العلاقات على الورق لا تكفي لكسر جذور الصراع المتجذرة.
التداعيات الاقتصادية العالمية
أي صدام محتمل لن يبقى محصوراً بين دولتين، بل سيؤثر على الخليج كله وأسواق الطاقة عالمياً. أي اضطراب في مضيق هرمز أو البحر الأحمر كفيل بإعادة تشكيل أسعار النفط والغاز، وفقاً لتقرير وكالة الطاقة الدولية التي تربط استقرار السوق مباشرة باستقرار الخليج.
مصر، التي تعتمد على مرور السفن عبر قناة السويس، ستكون من أوائل المتأثرين، حيث أن كل أزمة في البحر الأحمر تعني خسائر فورية في الإيرادات.
حسابات الطرفين والتوازن الهش
يدرك السعوديون أن انخراطهم في مواجهة مباشرة قد يهدد مشروع التحول الاقتصادي الذي يبنونه بدقة في السنوات الأخيرة. وإيران، رغم خطابها العالي، ليست في وضع يسمح لها بخوض حرب شاملة يمكن أن تضرب الداخل وتفتح الباب أمام ضغوط دولية ساحقة.
يبقى الطريق نحو الحرب ليس قدراً بل نتيجة. المنطقة تمشي اليوم فوق طبقة زجاجية رقيقة، حيث كل خطوة محسوبة، وكل خطأ في الحساب قد يكون كافياً لكسر التوازن الهش، خاصة مع تضييق السعودية على حلفاء إيران في العراق ولبنان.
المشهد الحالي ليس مشهداً لحرب مؤكدة، ولا لمصالحة مستقرة، بل مشهد منطقة تقترب ببطء من لحظة اختبار قد تكشف ما إذا كانت سنوات التهدئة استراحة قصيرة، أم مقدمة لمرحلة أكثر صعوبة.